مبروك علينا الحرّية ...مرحباً بك زائراً ومتابعاً ... تواصلك يشرفني

الاثنين، أكتوبر ١٥، ٢٠٠٧

على أبواب مؤتمر جديد للسلام....

منذ عامين تقريباً، وفي مناسبة انتخابية متميزة، ونزاهة يحسد عليها الإخوة في فلسطين .... عبّر الشعب الفلسطيني عن رأيه وموافقته لرأي الإخوة في حركة حماس واختارها لتمثيله.....

في ذلك الوقت ... والحقيقة في كل الأوقات منذ 60 عاماً وإلى الآن .... لم تكن أوضاع الناس في فلسطين مقبولة أو طبيعية ..... ولكن ما يعنينا هنا هو أوضاعهم قبل الانتخابات التي تنافست فيها فتح الحاكمة وكوادرها المتمرسة في العمل السياسي وحماس التي سطع نجمها كقوة ثورية رافضة لكافة أشكال التنازلات وناقمة على الوضع الذي لا يثمر عن تحسن حقيقي لأوضاع الفلسطينيين المعيشية أو يحقق الحد أدنى من الطموحات على مستوى الأرض والقضية.....

حماس عبرت عن مشاعر الناس الساخنة.... نفّست عن توتراتهم وأخبرتهم أنها ستضحي من أجلهم وتدافع عنهم وتعيد لهم المسلوب والمنهوب والمسكوت عنه ..... حماس تعرف الـ "لاءات" وتقولها عالية نيابة عن كل المعترضين... بل أن حماس تقوم بدورين هامين بفاعلية....

دور داخلي في مساندة المحتاجين والأعمال الخيرية والخدمية ودور آخر خارجي كفاحي بعمليات ضد أهداف إسرائيلية ..... ناهيك طبعاً عن رفع الشعارات الإسلامية التي تعطي بعداً ودعماً آخرين للحركة...

إضافة إلى ذلك .... فقد الفلسطينيون وحماس شخصيات هامة ومؤثرة بعد أن اغتالتهم إسرائيل في حربها ضد المقاومة والمقاومين ....

في هذا الوقت.... وبعد رحيل الزعيم عرفات التي كانت خبرتاه السياسية والكفاحية تسمحان له بـ90% من السيطرة على مقاليد الأمور .... باتت فتح منهكة قيادياً .... وقررت أن تدير عملية انتخابية نزيهة وتنتظر النتائج ......

الحقيقة أنها توقعت نصراً محدوداً تقتسم فيه السلطة مع حماس وتكون لها القيادة كالمعتاد....

لم تتوقع فوز حماس أو لنقل تجاهلت الاحتمالية العالية لذلك وارتكنت إلى ما تشعر أنه انجازات اجتماعية يلمسها الشارع الفلسطيني...

تحسّن نسبي في الخدمات ... حراك اقتصادي ضئيل ولكنه حراك..... انتظام نوعي في الحياة المدنية....

هذه الأشياء التي تحافظ على سير الحياة والاستمرار في التفاوض والكر والفر السياسي والكفاحي.....

فازت حماس..... انتخبها الفلسطينيون أملاً في تحقيق المزيد وعدم التفريط في أي من الحقوق الوطنية.....

وماذا بعد......؟

حدثت كافة النتائج الطبيعية المتوقعة .....

قبل الفوز....

لم تصدر توعية مناسبة من حماس للناس بخطورة اختيارهم على الضئيل من الحياة المدنية التي يتمتعون بها..... أو لم يدرك الناس ثمن الــ "لا" العالية التي ترددها حماس ....

بل تكشف الأحداث أن الجميع، ناخبين ومنتخبين، لم يحتط لمثل هذا اليوم الذي تتوقف فيه الحياة الاقتصادية وسوق العمل والمبادلات التجارية والمرتبات والماء والكهرباء وكافة خدمات المعيشة الأساسية.....

ظنت حماس أنها يمكنها أن تتشدد دون ردود أفعال من الأطراف الأخرى.....

ظنت فتح أنها ستربح بأغلبية ضئيلة فلما خسرت قررت أن تلوي ذراع حماس بالامتناع عن المشاركة في الحكومة.....سارت بمبدأ هنيئاً لكم بغيري فغداً ستعترفون بفضلي.....

ظن الناس أن حياتهم ستسير بنفس الوتيرة بل وسيأخذون المزيد من الحقوق.....

لقد تعب الفلسطينيون .... لم يعد شظف العيش نمطاً يمكن احتماله في ظل عدم وجود نتائج حقيقية....لم تعد الحياة بلا مظاهر مدنية مقبولة أو محتملة خاصة وأن لا أرض يتم تحريرها ولا دولة يتم إعلانها ولا عائد إلى الديار ولا قدس تظهر في الأفق القريب...

حدث انتصار حماس الانتخابي دون احتياطات .... فوجئت حماس بكونها وحدها ..... اهتمامها بالكفاح المسلح كان أكبر من اهتمامها بطاقمها السياسي والإداري ..... للإنصاف... لم تمر فترة كافية لاختبارهم فقد قررت أطراف التفاوض التوقف عن الحوار.... الدعاية بعبارات واعتراضات ساخنة لحماس نجحت في جذب الناخبين مثلما نجحت في تحفيز أطراف التفاوض على اتخاذ مواقف عدائية بأكثر من كونها حذرة تجاه السلطة الجديدة التي راعهم أن الشعب هو من أتى بها.....

بدأ الخناق وتوقفت مرتبات الحكومة ..... سلاح المال .... الضرورة الأولى لتسيير الحياة المدنية الحديثة ..... بدا الموقف كــ: انتم انتخبتم حماس..إذاً لنر إلى أي مدى ستساندونهم في الحياة العملية الخالية من الشعارات....

يمكن للناس تحمل هذا لشهر أو اثنين ولكن أكثر من هذا يضغط على الجميع... تجار ومستهلكين وموردين وصناع وحرفيين..... لا دورات تكتمل دون مال....

عندما تتفشى الحاجة .... ينتشر نوع من الإحباط العام الذي تنتج عنه فوضى مدمرة.... هذه الفوضى بدأت على شكل مناوشات بين أنصار الطرفين الرئيسين على الساحة السياسية الفلسطينية وانتهت بموافقة فتح على حكومة مشتركة...هذه الموافقة التي تلتها انفراجة مالية محسوبة للتدليل على الرضا وإمكانية العودة للتفاوض ....

هذه الانفراجة الضئيلة لم تفت على قادة حماس .... أدركوا أن قيادتهم للمشروع الفلسطيني ممنوعة عليهم في حال لم تكن فتح تتخللهم .... السيطرة المعنوية لفتح على الجانب السياسي وقدرتها على تذليل بعض عقبات الحياة المدنية هي نقطة قوة وتفوق.... نقطة تجعل من نجاحهم في الانتخابات شيء لا معنى له وكأنك يا أبا زيد ما غزيت...... فلا تفاوض بدون فتح ولا مال بدون فتح.... هذا ما يمليه الوضع الراهن على قيادات حماس .....

بالطبع هذا هو أقصى ما يمكن قبوله من تفوق.... قررت حماس التفوق في ناحية أخرى لا دخل لها بالقضية.... قررت التفوق في مجال خبرتها في الكفاح المسلح وتسيطر على مقاليد ما يمكن تسميته بالداخلية الفلسطينية أو الأمن العام... حدث انقلاب تلطخه دماء إخوة الأرض والسلاح للسيطرة على قطاع الحكم أو القطاع الإداري الرئيسي للآن.... قطاع غزة.... نجحت حماس تنظيمياً وأمنياً في بسط سيطرة نوعية على كامل القطاع وأعلنت صراحة تنصلها من قرارات فتح واعتراضها عليها بدعوى عدم الشرعية....

هنا زاد على قلة المال قطع الماء والكهرباء.....الحصار الكامل الخانق.....

الوضع الحالي غاية في الاستفزاز....

إسرائيل شددت حصارها .....

غزة مهددة باجتياح......

حماس تحاول مقايضة إسرائيل على الخدمات الأساسية في مقابل وقف عملياتها المحدودة وتنفي بشدة انها بصدد التفاوض مع فتح لضبط الأوضاع بما يتفق مع مصلحة الجميع.....

فتح تعرف نقاط قوتها وتستعد للكلام باسم فلسطين في مؤتمر جديد للسلام وتنفي بشدة استعدادها للتفاوض مع حماس قبل أن تقوم الأخيرة بالتراجع عن سيطرتها الأمنية على قطاع غزة.....

أصبح الصراع على من يحكم النذر اليسير الموجود من فلسطين وعلى من يتكلم باسم الناس ويدافع عن مصالحهم.....

حقيقة أصبح الاختيار بيد المواطنين مرّة أخرى.... عليهم إعلان ذلك صراحة وبأي وسيلة للجميع.....

الاختيار بين سياسة حماس وتبعاتها التي تحتاج للاحتمال والمزيد من التضحيات والتفاوض تحت النار دون شكوى أو تذمر وهي سياسة "قد" تحقق نتائج شبه مقبولة على المدى البعيد عن الجيل الحالي من القياديين....

أو اختيار سياسة فتح الهادئة ذات النفس الطويل وقبول الحراك المدني البسيط ومساندته على أمل تحقيق مكاسب "شبه مقبولة" أيضاً على مدى أقرب.....