مبروك علينا الحرّية ...مرحباً بك زائراً ومتابعاً ... تواصلك يشرفني

الجمعة، يوليو ٠٢، ٢٠١٠

للمراهنين على الدور التركي

الكلام هنا بعد تداول أخبار اللقاءات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا وبمباركة أمريكية في محاولة لرأب الصدع العميق في العلاقات الذي أحدثته واقعة الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية وما تبع ذلك من تداعيات

مع كامل احترامنا لرهاناتكم أو بالأحرى للرأي القائل بالرهان على الدور التركي في المنطقة العربية...

ولكن الجانب الغير خفي هو أن الدور التركي في أي شيء مرهون بمصلحة تركيا نفسها وليس بمصلحة جيرانها إلا بقدر ما تخدمها هي شخصياً ... مصلحة تركيا فوق كل اعتبار ويجب أن يكون هذا واضحاً جلياً ... قد نرى أن مصلحة تركيا أن توالي العرب خاصة مع وجود عراقيل أمام ضمها للإتحاد الأوروبي مثلاً ... ولكن هذا ما نراه نحن وليس بالضرورة ما تراه تركيا.

إدراك تركيا لطبيعة العراقيل التي تواجه انضمامها للاتحاد الأوروبي وإدراكها أيضاً لضرورة قبولها لما تمثله من ثقل إقليمي يجعلها تضغط لتذليل تلق العراقيل أو تحييدها أو تسويقها كأداة يسهل توظيفها. الفكرة السابقة تعتمد على كون علاقة تركيا بأوروبا والغرب عموماً أفضل لها من علاقتها بجيرانها العرب على المستوى الاقتصادي والسياسي على المدى البعيد.

تركيا تعلم تماماً أن أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة وأن أمريكا وانجلترا وفرنسا محاور متوازنة في تأييد إسرائيل، وأن إسرائيل نفسها لها ثقل سياسي وعسكري تستمده من ثقة مالية تتحكم في أضخم سيولة نقدية في العالم بطرق مباشرة وغير مباشرة. للمتابعين للأخبار أذكركم أن أوباما صفع إسرائيل بقضية انحرافات مالية حاخاميه ضخمة رداً على هجومهم عليه وتعنتهم في موضوع المستوطنات ولكن قوة اللوبي الاقتصادي الصهيوني عموماً استطاعت إبدال هذا الأوباما بآخر يقر علنا أمام الشاشات بأن القدس عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل...

كل ما سبق تعرفه تركيا جيداً ...

كما أنها تعرف سهولة كسب التأييد الشعبي العاطفي لديها ولدى كافة الشعوب العربية ... يكفيها أن تلوح بالغضب حتى يفرح كل الغاضبين المقهورين ... نعم.. مجرد التلويح بالغضب، الشيء الذي لا تفعله الدول العربية... العالم العربي الرسمي يشجب ويندد ويستنكر ويأسف ... لكنه أبداً لا يغضب .. هذا ما يسبب الشعور بالعجز لدى الشعوب العربية ويجعلهم بانتظار التلويح بالغضب ...

هذا التأييد الشعبي الجارف يمنح بطاقة التلويح بالعصيان زخم ضاغط على إسرائيل وأمريكا والغرب بشكل عام ... الموضوع ليس خوفاً من تركيا بل من القدرات العامة للتكوين الاجتماعي التركي الذي يستطيع حشد تأييد جارف في عدد من الأماكن المضطربة بالفعل وإثارة قلاقل كبيرة وضغوط على المستوى الاقتصادي والسياسي والإعلامي أيضاً.

التمادي في المواجهة يعني الوصول إلى وضع كارثي تخسر فيه كل الأطراف.... هذا أمر لا تريده تركيا لنفسها ولا تريده إسرائيل ولا أمريكا ولا الغرب بشكل عام

إذاً هي سياسة التلويح إلى أن نقترب من الحافة وتفهم جيداً وجهة نظري وقدراتي ... هذا ما تفعله تركيا .. لقد قَدَمت سؤالاً بسيطاً مصحوباً بتصرف داعِم بسيط .... هذا ليس غضباً .... هذا تلويح بالغضب فقط ... لقد استخدمت تركيا عبارات حادة غاضبة وقالت أنها تفكر في أشياء أخرى مماثلة وقررت منع الطيران الحربي الإسرائيلي من التحليق فوقها ... في السياسات العالمية هذا لا يعني غضباً ... هذا فقط يعني أني سأغضب ..

حين تفعل ذلك دولة ذات وضع اجتماعي وسياسي واقتصادي وعسكري محترم، يصبح لها صوت فعلاً ... تركيا دولة لها صوت وليست صوتاً له دولة كعالمنا إلا من رحم ربي.
تركيا دولة ذات صوت ووزن تراعي مصلحتها أولاً ... مساندة حماس ... مصادقة سوريا ... مغازلة إيران ... مناكفة إسرائيل ... مراسلة أمريكا ... التنفيس عن العرب .... في كل ما سبق .. تركيا أولاً...