مبروك علينا الحرّية ...مرحباً بك زائراً ومتابعاً ... تواصلك يشرفني

السبت، أغسطس ٠٩، ٢٠٠٨

وريقة واحدة...

للمدخنين ..

أعترف أني مدخن من العيار الثقيل، وهي عادة قبيحة ومدمرة للمال والصحة والمفروض أن أقلع عنها... كما أتفهم ضيق غير المدخنين من إخوانهم المدخنين وأعلم حزنهم على الأهل والأقرباء الذين يتلفون صحتهم بأيديهم... إذاً أعتقد أن لا خلاف بيننا حتى الآن ولكنها مقدمة لتبرير العنوان وتوجيه النظر إلى أن الأمر هام للمدخنين والباب مفتوح لغيرهم للتعاطف والتفهم في حال أفلحنا في العرض وتطوعوا هم بالتفهم مشكورين.

نحن - المدخنين - نشتري سلعة تباع في الأسواق + مبالغ في تسعيرها مقارنة بمتوسط الدخل + عليها ضرائب متنوعة + عليها تحذيرات توعوية باللغات العربية والأجنبية = موافقون حتى الآن...

نحن نعلم أن كل هذه المجهودات الغرض منها هو الحد من ظاهرة التدخين + التوعية والتحذير من أضرارها الصحية المحتومة والتي يتم ذكرها صراحة على كل علبة...

كل ما سبق مقبول بدرجة كبيرة ولكنه لا ينفي أن المدخن عبارة عن مستهلك لسلعة ويحق له أن يشتري هذه السلعة كغيرها من السلع، أي عليها شعار الشركة وعبارات ما سواء كانت هذه العبارات تحذيرية أو إرشادية. وجود صورة أخرى غير شعار الشركة مثل صورة الذباب على مبيد الحشرات أو الملابس على مساحيق الغسيل أو البقرة على منتجات الألبان يجب أن يراعي ذوق المستهلك فهو من يدفع المال لقاء هذه السلعة أو تلك لذا لا توجد على مساحيق الغسيل مثلاً صورة مفصلة للأوساخ التي تعلق بالملابس من طين أو قيء ولا بقرة عرجاء أو مربوطة بالسلاسل داخل مجمع آلي لحلب الأبقار على منتجات الألبان.

كما أن كثير من المنتجات لها أضرار صحية مرعبة ولكنها ضرورية لمستهلكيها.. كالمبيد الحشري، كافة المبيدات لها تأثير مريع على صحة الإنسان والحيوان والنبات، هذا ما تقوله البيانات المكتوبة على كافة العلب في الأسواق ولكن لا توجد صورة لقطة خضراء مخنوقة أو طفل برزت عيناه من محجريهما وانتفخت أوداجة وأوشك على الموت من السعال أو الأزمة الصدرية...

مثال آخر، كافة العطور وبعض الملابس عليها تحذير من الاقتراب من النار ومصادر الحرارة ولكن لا توجد عليها صورة لسيدة أمسكت النار بشعرها أو شخص مشتعل الذراع يصرخ ألماً وفزعاً....

هذه الصور تؤذي النفس قبل أن تثير الحذر أو الخوف أو الشفقة وبذلك تخل بفكرة السلعة والمستهلك الذي يستحق مقابل حسن لما يدفعه من مال.

الصورة الملونة للمريض ذو القناع الطبي والأقطاب الموصوله بصدره - (دلالة على أمراض القلب والشرايين)، والتي أصبحت تقبح علب السجائر في مصر، ليست صورة مقبولة من جمهور المدخنين وهي ليست مقبولة إنسانياً أو تجارياً...

هل هي على سبيل التوجيه والإرشاد والتوعية؟!

قبل إجابة هذا السؤال إليكم المكتوب على علبة السجائر

1- للمستهلك

(احترس التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة - الآثار المدمرة للتدخين تصيب المدخن وغير المدخن - يسبب التدخين أمراض القلب والشرايين)

2 - للبائع

(لا تباع لمن دون الـ18)

شيء عظيم جداً - وهو مكتوب على الجهة الأمامية والخلفية بخط واضح أسود على خلفية صفراء مريضة وخط أبيض على خلفية سوداء حداداً على المرجو لهم الرحمة من الراحلين عن دنيانا - موافقون ولا اعتراض...البتة.

ولكن صورة ملونة لمريض يبدو عليه الاحتضار، عفواً هذه مبالغة في التوجيه والإرشاد وتجاوز في حق المستهلك....

قد يكون الرد هو أن الصورة لتوعية غير المتعلمين الذين لا يقرأون وهم جمهور عريض من المستهلكين ولكن الرد البسيط على هذا الأمر هو إمكانية عرض عشرات الصور الشارحة دون التعريض بمريض أو تجاوز حق المستهلك...

لنعرض الحلول البسيطة.... بدلاً من الصورة الملونة الفجة التي تتاجر بفكرة المرض - التي نعترض عليها شكلاً ونعترض على مضمونها وإن كان نبيلاً - كان يمكن أن تكون صورة بالأبيض والأسود - كان يمكن تصغيرها وبدلاً من 40% من حجم العلبة 15 أو 20% فقط - يمكن أن تكون مرسومة - ودون ألوان أيضاً - مقبول أن تكون رسومات لأعضاء الجسم قبل وبعد التدخين - أبيض وأسود ورمادي طبعاً - لا مانع من جمجمة وعظمتين داخل دائرة حمراء أو مثلث أصفر... أمّا الرسائل الفجة المتكررة فهي لا تشجع على الامتناع عن التدخين بل على ارتكاب ذنب السب في حق الشركات المنتجة والقائمين عليها من متهاونين في حقوق المستهلك رغم مكاسبهم الأسطورية.

نقطة أخرى أخيرة... الأسلوب الجديد والصورة المؤذية التي تطالع المدخن مع كل سيجارة يلتقطها هما عبارة عن رسائل متكررة يتم غرسها في العقل الباطن... هذه الرسائل الموجهة تدعى (Subliminal messages) وهي طريقة يتم تفعيلها ضمن الطرق اللا إنسانية لغسيل المخ والتي تتم ممارستها على الأسرى والمعتقلين... لا أظن أن أي مواطن مصري مدخن أو غير مدخن يستحق معاملة الأسرى.