مبروك علينا الحرّية ...مرحباً بك زائراً ومتابعاً ... تواصلك يشرفني

الثلاثاء، يوليو ٢١، ٢٠٠٩

دكّان شحاته - بلاش تشتري منه

كنت قد قررت أن تكون هذه التدوينة تعليقاً على تصفح النت من المحمول أثناء التجوال الدولي لمشتركي فودافون وعن التعليم المفتوح بجامعة عين شمس والقاهرة للوافدين من دول الجوار العربي وعن إعلانات إذاعة مائة فاصلة ستة إف إم الاستفزازية، ولكن، وبعد مشاهدة فيلم "دكّان شحاتة" رأيت تأجيل تعليقي على ما سبق والكتابة عن شحاتة ودكّانه.

قبل التعليق: ما يلي قد يفسد عليك متعة المشاهدة في حال كانت لديك نيّة لمشاهدة الفيلم، وعموماً سأحاول أن لا أحرق لك الأحداث ولكن لزم التنويه..

مدّة العرض: ساعتان و ربع - الأبطال أبجدياً: عبد العزيز مخيون - عمرو سعد - عمرو عبد الجليل - غادة عبد الرازق - محمود حميده - هيفاء وهبي ... إضافة إلى أربع شخصيات أخرى لا أعرفها ودورها يتراوح بين ثانوي وثانوي للغاية ...

بما أن التعليق شامل، فاسمحوا لي أن أبداء بـ "ع البَرَكة ونهاركو فٌل بعون الله واللي يحبنا ما يضربش نار".... وهي الطريقة الشعبية الدارجة للبدء بحيث تتسق والجو العام للفيلم وشخصياته.

أحداث الفيلم تبدأ بالسجن الذي يخرج منه شحاته "عمرو سعد" أمّا تتر المقدمة فهو عبارة عن مقتطفات من الجرائد تعود بالأخبار والزمن حتى تصل ليوم اغتيال الرئيس السادات - يوم ولادة شحاتة - والملحوظ هو أن 90% من المقتطفات الإخبارية ذات طابع كارثي أو سوداوي عدا خبر فوز منتخب مصر بكأس أفريقيا مثلاً؛ الباقي عن حوادث طرق وكوارث اجتماعية وأخبار سياسية يغلفها النقد والشك - ماشي الحال، لمّا نشوف - هكذا قلت لنفسي. هنا تبدأ الأحداث من نقطة زمنية تبعد عن الوقت الراهن بـثلاثين سنة إلا قليلاً وبالطبع ستسير بنا تلك الأحداث حتى نصل للحظة التي بدأ بها الفيلم وهي خروج شحاتة من السجن وقد كان.

الأحداث بشكل عام تدور حول شحاته وإخوته - ولدين وبنت يكبرونه وهم من أم غير أم شحاته - نفهم من الأحداث أنها هجرت الأب - محمود حميده - وأن الموضوع له علاقة بالخيانة والشرف ناهيك عن أن أم شحاته ماتت بعد ولادة شحاتة مباشرة- موضوع خيانة الأم الأولى هامشي لا فائدة منه إلا في عبارة لعبد العزيز مخيون - صاحب الفيلا الموسور الذي منح جزء من حديقتها وسورها الخارجي لحميده وأولاده يزرعون بعض الفواكه ويبيعونها عبر دكانهم المتواضع الذي أسماه الأب "دكّان شحاته"- إذاً نحن أمام أب بسيط يجري على أكل عيشه وعيش أولاده ولديه تفضيل لآخر العنقود شحاتة....

الصراع على الدكّان وعلاقة شحاته بإخوته يمثلان المحور الرئيسي للفيلم؛ أمّا المحور الثاني فهو الحب الذي يجمع بين شحاته وهيفاء وهبي - أخت عمرو عبد الجليل فتوة موقف الميكروباص والكارتة - وهيفاء مطمع واحد من أخوة شحاته- هذه هي القصة في أبسط صورها. أخ غير شقيق لولدين وبنت. الولدان يكرهانه ويكرهان إنحياز والدهما له ويرغبان في التخلص منه والتفرد بالدكان المتواضع والبنت تتعاطف معه وتحبه ولكن لا تستطيع ردع أخويها + شحاته يحب هيفاء المغلوبة على أمرها والتي لا تستطيع أن تعصى أخوها المفتري الذي يريد تأمين مستقبلهما معاً بما يمكن أن يتحصل عليه من شحاته أو أخيه....

القصة تقليدية ولا تدور في مناطق العشوائيات كما قد يظن البعض، هم فقط مجموعة تنتمي للطبقة الدنيا من المجتمع وتعيش في هامش أحد الأحياء الراقية - عائلة شحاتة في حديقة الفيللا وهيفاء وأخوها على سطح بناية ما. الفقر ليس محركاً أساسياً للأحداث بل الجشع وقلة الأخلاق - وهي رذائل ليست حكراً على البسطاء أو الجهلة وهناك أفلام تناولت نفس النقائص في طبقات المجتمع الوسطى والعليا.

كثير من الأحداث تم وصلها أو ربطها بحوادث اجتماعية شهيرة أو مناسبات انتخابية أو غيرها مما يملأ الجرائد ولكنه ربط غير موضوعي أو غير مناسب أو مقحم على الأحداث - تماحيك توحي بوجود قضية ما أو نقد موضوعي أو إظهار لسلبيات حكومية - أي أن الفيلم بدون هذه التماحيك ممكن أن يكون أفضل؛ فهي مفتعلة ولا تقول ما ينبغي أن تقوله.

الرسالة الواضحة - الطيب مالوش نصيب أو الطيب مالوش مكان أو الطيب في الزمان ده ما ينفعش - حاجة لطيفة خالص ردّها طيب يا سيدي متشكرين على التوضيح المبالغ فيه..

التصوير والإخراج يفتقد التميز إلا القليل النادر من الزوايا والكادرات، أمّا التمثيل فتعليقي عليه كما يلي:

عبد العزيز مخيون: دور لا يحتاج للكثير من المهارة أو الحنكة من ممثل نعرف أنه قدير - لا إضافة

عمرو سعد: ممثل التزم بما أراده المخرج دون إضافة أو نقصان، مدرسة الراحل يوسف شاهين ظاهرة هنا

عمرو عبد الجليل: متميز للغاية وممثل قدير ومحترم ولكن نرجو منه الخروج من تلك النوعية من الأدوار قبل أن يتم سجنه في هذا القالب

غادة عبد الرازق: قديرة دائماً - قامت بالمطلوب بمهارة واحتراف - ولكن لا مدح واجب فقد قامت بعملها وفق الأصول فقط

محمود حميدة: راجع السطر السابق عن غادة عبد الرازق مع مراعاة حذف التأنيث.

هيفاء وهبي: تمثيل أكثر تميزاً من الغناء ورغم التزامها بالتعليمات إلا أنها تفوقت في الدور وقامت به على أكمل وجه دون ابتذال أو تكلف

الخلاصة: الفيلم لا يستحق ضجة إعلامية ولا يضيف إلى رصيد المخرج بل أظنه يسحب منه... رسالة الفيلم ضحلة واتصاله بالواقع لا توثيقي ولا تسجيلي ... عموم التمثيل يستحق درجة جيد جداً عدا إخوة شحاتة - الذكور - تقديرهم "ضاض جيم" جداً

تحياتي وإلى لقاء قريب