عشت بالمملكة العربية السعودية 12 عاماً مقسمة على ثلاث مراحل... ثلاث من سنواتي الابتدائية وثلاث بالمرحلة الثانوية، ثم عدت إلى مصر ومكثت بها إلى أن حصلت على درجة الدكتوراه وأعمل بالمملكة منذ ست سنوات.. في هذه الفترات مجتمعة لمست التطور في الدولة والمواطن وبدا لي أن الكثير من الممارسات التي أعتدت السماع عنها صغيراً - من اضطهاد للمقيمين أو العاملين من غير السعوديين أو سوء معاملة المصريين - الكثير من هذه الممارسات، التي لم تصبني ولم أشعر بها بشكل شخصي، قد اختلف وتغير...
لم أعد أسمع عن هذه الأشياء إلا فيما ندر وفي قضايا تثير الرأي العام وبها الكثير من الملابسات الغامضة - تماماً مثل أخبار الحوادث في مصر أو أي دولة عربية أخرى - لذا أدركت أن هذه الظاهرة في زوال وأنها ليست إلا خبراً من أخبار الحوادث وليست موجهة ضد جنسية ما مثلاً ... كما أن كافة المعاملات الحكومية تتم بسهولة ويسر واحترام رغم الزحام المعتاد في أماكن الخدمات الحكومية ولكن تجري الأمور بنظام ودون تفرقة بين مقيم ومواطن. قد أسمع عن فرقة شبابية سعودية تسب المصريين ويرد عليها مغني مصري مثلاً ولكن هذه صغائر تصدر عن أصاغر ولا تعبر عن واقع أراه بشكل عام - أعلم أن هناك قِلة تصدر منها تصرفات مسيئة ولكنها تظل قِلة وتصرفاتها قد تتأثر بظروف أخرى مثل طبيعة الآخر ودرجة ثقافته وقدرته على صياغة عباراته بما يناسب الموقف وعوامل أخرى... إذاً، لا قلق.. هذه أمور تحدث ولكنها ليست ظاهرة مقلقة ولا دخل لي بها....علاقاتي مع زملائي وطلابي من السعوديين، علاقات مودة واحترام وتقدير متبادل، نتحاور وننقد ونتلاقى ونتفق، الكل (بلا استثناء ومن القلب) يوّد أن تتاح له الفرصة للمجاملة والخدمة. ونظراً لأني أقوم بتدريس طلاب نظاميين وآخرين خريجين ومنتسبين فبين طلابي المحاسب والمذيع والضابط والصحفي. أقابلهم صدفة في مختلف الأماكن.. المتاجر، المطار، في إشارة المرور ويسرني ما أراه في أعينهم من موّدة صادقة... أعرف دوماً أني في بلدي الثاني دون رياء (فكّرت جدياً في التقدم لطلب الجنسية ولكن لم أفعل ولا أدري لماذا) .. القصد أن شعوري بالاطمئنان كان شعوراً طبيعياً... أنا بين أصدقاء وأحباء سأجدهم في أي وقت... حقيقة بها بعض الشوائب للأسف...
إضافة لما سبق هناك نقطة هامة... وظيفتي كأستاذ جامعي في كلية نظرية وظيفة هادئة آمنة خاصة مع شخص يشهد الناس بأنه خلوق باسم. في مصر، حين تستوقفني لجنة مرورية لمراجعة التراخيص، وحين ينظر الضابط إلى خانة المهنة يبتسم ويسألني عن الجهة الأكاديمية التي أعمل بها ويعتذر عن إيقافي أو يمزح بخصوص احتياجه لدروس في اللغة - نعم هذا يحدث في القاهرة معي دوماً - مع نفس الضباط الذين يشكو منهم الناس وتملأ أخبارهم الجرائد والمدونات - ولكن والله هذا حقيقة ما يحدث معي والحمد لله.... لا يوجد لي محضر مسجل أو وثيقة عداء من أي نوع مع أحد في عموم الدنيا أو في مجال العمل... هنا في المملكة وأثناء امتلاكي سيارة خاصة، لم تسجل علي مخالفة مرورية واحدة ناهيك عن أي مخالفة أخرى -لا- بل توجد واحدة - اخطأت في رصد درجة أحد الطلّاب وجاءتني ملاحظة تنبيهية بخصوص مراعاة الدقة - فقط....
بشكل عام يمكنكم اعتباري مسالم وإذا جاز القول "ديبلوماسي" ويمكنني احتواء مواقف عدة بهدوء وحيادية...
1 - تم اخطار جميع المقيمين كل في جهة عمله بوجوب تسجيل البصمات الكترونياً في إدارة الجوازات... إجراء لازم إذا كنت ترغب في تنفيذ أي معاملة حكومية بعد تاريخ 1-6-2009
2 - قامت وزارة الداخلية بتخصيص عدد من المنافذ التي تستقبل المقيمين لأخذ بصماتهم وصورة لهم في كافة أرجاء المملكة. واختصت مدينة جدة بأربع أو خمس مراكز في عدة مناطق من المدينة. هذه المراكز تفتح أبوابها للجمهور من الساعة الثامنة إلى ما بعد صلاة الظهر أو قبل صلاة العصر في حال وجود ضغط أو مؤسسات تقوم بإحضار منسوبيها في إجراء جماعي.
3 - على كل مقيم التوجه لأحد هذه المراكز ومعه إقامته (وثيقة مثل البطاقة الشخصية بها بيانات المقيم ومحل عمله وتاريخ التجديد) ومعه جواز السفر (بهذه المناسبة يجب التنويه أن وجود جواز السفر مع المقيم في حال احتاجه موضوع عادي، جواز السفر ليس محبوساً أو مرهوناً ولكن هناك من يسيء استغلال هذه الجوازات - نظام الكفيل الشهير - والاساءة في حق مختلف أنواع الوافدين وليست موجهة للمصريين فقط مثلاً . المهم أن امطلوب اقامتك وجواز سفرك.
4 - ذهبت وحدي في الصباح الباكر لأحد تلك المراكز فوجدت ما يقرب من 500 فرد الساعة السابعة صباحاً ... صراحة هذا أطول مما أحتمل... فكلمت صديق لي وعرفت منه أن زملاء ذهبوا إلى مركز آخر فتوجهت إلى هناك لاستطلع الأمر...
5 - حين وصلت كان الزملاء قد أتموا الموضوع ففهمت منهم أن العدد الآن يقترب من 300 وأنهم تمالكو أنفسهم وتحكموا في أعصابهم بشدة، حيث يوجد أحد الضباط الذي يعامل الناس بمنتهى السوء ويخاطبهم بطريقة دونية مهينة وأنه أخرج زميل وشاب معه والده الكهل وطلب منهم العودة إلى ذيل الصف لمجرد أن أحدهم سأله عن شيء ما بخصوص البصمات وما شابه... كنت أعلم في عقلي أن هناك ضغط ونوعيات مختلفة من المقيمين الذين لا يجيد الكثير منهم العربية وأفهم فكرة محاولة التحكم في أعداد كبيرة تتوجه للقيام بنفس الشيء... لذا قلت ربما أن الضابط فقد أعصابه نتيجة لسؤال ساذج في الزحام وربما حدث سوء تفاهم ما بالنظرات أو الهمهمات... صراحة صدقت الرواية ولكن وضعت فرضية لتفهم الوضع دون أن أكون سيء النية خاصة وأن خبراتي في السفر وتجديد جواز السفر وتعديل بياناته وما إلى ذلك سمحت لي بملاحظة أن الضباط في هذه الجهات يتم انتقائهم بدقة نظراً لحساسية الموضوع وطبيعة تعامله مع الجمهور - ضباط الجوازات يفترض فيهم تمثيل الدولة أمام الغير وإظهار صورتها الحضارية للزائرين والمقيمين... لذا قررت تأجيل الموضوع والعودة إلى نفس المركز في وقت أبكر.. هذا المركز أفضل من سابقة من حيث الكثافة العددية... وقناعاتي بالآمان والبلد الثاني والتغير في المجتمع وبطبيعتي المسالمة ومكانتي الأكاديمية ألغت تماماً أي احتمال لتعرضي لموقف سخيف مشابه لما سمعته.
6 - تم ابلاغنا عن موعد ستقوم الكلية فيه بتجميع منسوبيها والذهاب لمركز ثالث بعد الثانية ظهراً - صراحة الدنيا صيف والحر خانق والموعد يخترق اليوم - قررت في نفس اليوم أن أذهب في الصباح الباكر للمركز الذي ذهب إلية زملائي منذ بعض يوم
7 - ما بين الساعة 7 صباحاً و12 ظهراً رأيت 8 زملاء وتكلمت هاتفياً مع 5 آخرين + تكلمت مع 3 معارف أحفظ أرقامهم لمعرفتي أنهم حاضرين وأن الود حاضر بيننا سواء كان اتصالنا منقطعاً أو دائماً. المجموع 16 فرداً في اتصال مباشر بخلاف ثلاثة غرباء.
8 - زميل ذهبت معه للقيام بتسجيل بصماتنا ووقفنا معاً في صف يزيد عن 100 فرد من الساعة السابعة صباحاً....بعد نصف ساعة تقريباً رأينا بشائر الزي الميري انتظمنا في صفين منتظمين طبقاً لتوجيهات أحد الضباط... أثناء وقوفنا ومن مسافة بعيدة نسبياً رأيت شخصاً أمام الضابط - أظنه يحدثه وقام الضابط برمي إقامة الرجل أو جواز سفره (أيضاً لم استطع تممييز الوثيقة من على بعد) - في عرض الطريق ... نظر إليه المواطن في صمت وذهب ليلتقط وثيقته ثم توقفت عن متابعته والتفت إلى زميلي أتحدث معه وفي رأسي أن الأمر لا يعنيني ولا أدري حقيقة طبيعة ما كان يدور من حوار بين الضابط والمواطن.
9 - في تمام الساعة 8:20 دقيقة وصلت وزميلي إلى داخل المبنى الذي يتم فيه الموضوع - نعم كنا نقف في صف في الشارع على الرصيف الخاص بالمركز ويتحرك الصف تجاه باب المبنى...دخلنا إلى قاعة بها مقاعد عليها من سبقونا بالدخول وآخرين واقفين في الفراغات التي اتسعت لهم فوقفنا معهم.... بعد قليل قام بعض الجلوس فجلس بعضنا ومنهم زميلي ووقفت إلى جواره في الانتظار... دقائق وقام زميلي وبعض الجالسين لدورهم فتحركت تاركاً ثلاث مقاعد خالية لمن ورائي وجلست على الرابع.
10 - الساعة 8:30 ....
الضابط : أنا عطيتك أمر إنك تجلس؟
أنا في توجس وقد وقفت أشرت برأسي أن لا دون كلام
الضابط: أخرج بره... إطلع آخر الصف يللا... بره..
لم اتكلم - آثرت السلامة وقلت في عقلي "حسناً ها قد تعرضت لموقف سخيف مباشر دون داع.. فالأخرج وأنتظر زميلي وبعدها نترك المكان وأنا سأذهب مع الكلية في منتصف النهار وأمري إلى الله ... لا داعي للوقوف في آخر الصف الذي طال للغاية ولا داعي للاحتكاك بهذا الضابط" ... هذا طبق الأصل ما فكرت فيه وأنا أخرج من المبنى الذي انتظرت لدخوله ساعة وثلث.. ولماذا؟ لالتزم بالقانون ولا أتعرض لتعطيل معاملاتي الحكومية... حسناً لا بأس زميلي سيخرج بعد ربع ساعة على الأكثر فالإجراء نفسه سريع...خرجت من المبنى ونظرت إلى الصف الطويل من المنتظرين وتركت الرصيف وعبرت السلك الشائك الذي يحيط بالمبنى بعد الرصيف وعبرت الشارع إلى الجهة المقابلة - ببساطة ابتعدت عن الصف والمكان مهنئاً نفسي بقرار الذهاب مع منسوبي الكلية بعض بضع ساعات لإنهاء الأمر. من مكاني على الرصيف المقابل أخرجت علبة سجائري وأشعلت واحدة ووقفت...هذه الأحداث لم تستغرق دقيقتين بعدها لمحت الضابط يخرج من المبنى ويلقي نظرة على الصف الممتد ثم يدير بصره بنظرة عابرة على المكان ويلمحني على الرصيف المقابل فيصيح قادماً في اتجاهي "وكمان تدخن!!!!" ويصل إلي ويمسك ملابسي من الكتف ويسحبني ليعبر بي الشارع تجاه المبنى.... توقفت وخاطبته بمنتهى الهدوء والأدب قائلاً: "لو سمحت ما تمسكنيش بالطريقة دي، أنا دكتور جامعه ومعملتش حاجه غلط علشان المعاملة ديه... الرد بصياح وصوت عال (أثناء دفعي أمامه تجاه المبنى هذه المرة): والله أسحب إقامتك وجوازك وامزعهم الحين = يقطعهم الآن.... (الآن أصبحنا داخل المبنى المكتظ وأكمل سيادته) ....دكتوور..ها... والله أصفخك على وجهك جدّام العالم (طبعاً هذا تهديد إنه يلطشلي يعني) كان يقول هذه العبارة ويتبعها ب "انا بـ وريك" وهو يدفعني إلى غرفة صغيرة مكيفة بها شخص لا أعرفه ومكتب ومقعد ومساحتها 6بلاطات في 9 بلاطات ثم يغلق الباب خلفي.
شعرت بتوتر عال وإهانة بالغة وإحساس بالغدر الذي لم أتوقعه تماماً - قد أبدو غبياً بعد مراجعة ما سبق من معطيات - ولكن بالفعل لم أتوقع هذا الغدر المجتمعي أو الغدر الحكومي متمثلاً في أحد الضباط.. كنت أحبس دموعي بالفعل فنظر لي الجالس في الغرفة وقال لي (معلش) مواسياً ففهمت أنه ضحية أولى بشكل ما وأنه مصري مثلي... كان رجلاً محترماً أتى مع زوجته وأولاده وتركهم بالسيارة ولكن حين سأل الضابط عن شأن عادي انفعل عليه ووضعه في هذه الغرفة... تمالكت نفسي ورأيت زميل الغرفة يستخدم هاتفه المحمول.... نعم - معي واحد - كنت قد نسيت تماماً أن معي جوالاً - من أطلب؟ سألت نفسي ثم طلبت صديقاً للعائلة - مواطن سعودي كبير السن والمقام أجله ويقدرني... كانت الساعة 8:40 تقريباً ورد على الرجل من النوم فأخجلني أن أطيل علية فأوجزت له الموضوع فحوقل وسألني عن مكان المركز ووعدني خيراً... بعدها كلمت صديقاً وزميلاً سعودياً أيضاً أخبرته بالموضوع وطلبت منه أن يتصرف ... قصدت أن يخطر الكلية أو يتصل بأحد من معارفه أو أي شيء ليخرجني من هذا المكان... انتهيت المكالمة وتذكرت زميلي الذي سبقني بالدخول فأرسلت له رسالة نصية أخبره بما حدث في إيجاز وبعدها بقليل اتصل بي وأخبرني أنه أنهى معاملته وينتظر استلام إقامته وأن مصري ولبناني أخبروه بما حدث معي وتركوا له أرقام هواتفهم في حال تطور الأمر واحتجت شهوداً...وقال أنه يقوم باتصالاته أيضاً ... الحقيقة العاملين بالحقل الأكاديمي لهم العديد من المعارف والأصدقاء المحترمين لذا كنت أعول كثيراً على هذه الاتصالات... اتصلت أيضاً بزميل وصديق مصري قام بمتابعة الأمر من الكلية التي حاول زملاء بها الاتصال بضباط كبار ولكن نظراً لأن الوقت مبكر فصعب العثور عليهم أو إيقاظهم... جائني اتصال من أحد الطلاب بالكلية يخبرني أنه سمع أن لدي مشكلة ما ويريد أن يعرف ما حدث ليكلم أخاه الضابط فأخبرته وتطوع أخوه مشكوراً بمهاتفتي ووعدني خيراً ثم أعاد الاتصال قائلاً أن هناك من سيخرجني بعد وقت قصير.. مرة أخرى اتصلت بأحد طلابي القدامى .. ضابط أيضاً.. وسألني عن التفاصيل فأخبرته وقلت له أني لم أقل أو أفعل شيء فبادرني بصدق "إحنا نعرفك...ما يحتاج يا دكتور" ووعدني خيراً أيضاً بعد أن أعطيته اسم الضابط ورتبته ومركزه - اسم الضابط عرفته من اللوحة على الزي ورتبته ومركزه على أوراق مهملة في الغرفة وظاهرة للعيان...في هذه الأثناء كان زميلي في الغرفة يجري مكالمات أيضاً منها ما فهمت منه أن مندوباً من القنصلية المصرية قادم إليه...كما تم ادخال فردان جدد وأصبحنا أربعه.....
بعدها بقليل دخل شخص معه ورقة بيضاء وقلم موجهاً كلامه إلى لا أحد قائلاً " صاحب المشكلة يكتب اعتذار عن ما بدر منه" سألته : مين؟ واعتذار عن إيه؟ فقال "هيكلمكم حد يشرح لكم من أصحابكم" وخرج... بالطبع كلنا الآن لنا أصحاب بالخارج فانتظرنا ولم يطلبنا أحد .... بالمناسبة .. الساعة الآن 10:30...كلمني أول زميل قصدته بالاتصال وأخبرني عن وجوده بالمكان وبأنه تكلم مع الضابط الذي قال له أني خرجت من الصف وتهجمت عليه .. لم يصدقه وذهب ليتحدث مع باقي زملاء الضابط وأقنعهم بضرورة إخراجي وعدم لياقة التعامل مع استاذ جامعي بهذه الطريقة.... بعدها بقليل انفتح الباب وخرج أول ضيف على الغرفة ... ثم خمس دقائق وجاء من يأخذني وخلفه زميلي وصديقي السعودي ثم توجهنا إلى مكتب الضابط... هناك رأيت زميلين وسلمت عليهم ... كانوا بالمكان لتفس الغرض مصادفة... كما رأيت الضابط الذي لم يكلمني وتوجه إلى الزميل السعودي قائلاً "خلاص؟" فأشار له زميلي أن نعم... خرج الضابط من الغرفة وأنا لا أعلم ماهو الــ"خلاص" هذا فنظرت إلى زميلي وسألته هل نحن في انتظار شيء فسألني بدوره إن كانت وثائقي وأوراقي معي فأجبته أن نعم فقال لي إذاً هيا بنا وخرجنا من المكان حيث وجدت زميلي الذي ينتظر إقامته مازال منتظراً فشكرته على اتصالاته وتحركت عائداً إلى الكلية.... في الطريق هاتفني الزملاء بالمركز الذين صافحتهم منذ قليل وأخبروني أن الضابط استدعاهم بحجة ضيط بصماتهم ثم سألهم عن زميلهم الذي سلموا عليه منذ قليل (أنا) وبطبيعية أخبروه أني أحد الدكاتره المحترمين فرد عليهم أنه سينشر تعميم يقول فيه أني تهجمت على الوحدة وهربت عقاباً لي على خروجي دون استئذان (ملاحظة: من مكتبه المفتوح والذي يدخله ويخرج منه فرد كل ثانيتين في غير وجوده أصلاً وبعد أن تم احنجازي أكثر من ساعتين وإخراجي بالوساطة والمكالمات وما إلى ذلك وبعد أن تمت إهانتي بدون حق والتعدي علي وتهديدي بالضرب المهين) ... سيادة الضابط يريد أن يكملها بتلفيق تهمة والتشهير بي.... ما علينا.. انتهت المكالمات المتوترة لإخراجي وبدأت تلك التي تواسيني وتحمد الله أن الموضوع توقف عند هذه المرحلة.... ويبدو أن الهم ارتسم على وجهي واتخذ لنفسه ملمحاً في صوتي فقد طالبني الجميع بأن لا أرهق نفسي حزناً أو فكراً....
إذاً لقد خرجت من المكان وها أنا أتوجه إلى الكلية لانتظار موعدهم في الذهاب إلى مركز آخر للبصمة... قابلت زملاء يعرفون ما حدث وآخرون يستفسرون وهكذا ...ثم جاء الموعد وذهبت مع الجميع إلى المركز الذي يستقبل أكبر عدد من المواطنين يومياً ... رأيت ضباطاً وعساكر لا يتجاوز أحدهم بلفظ أو إهانة أو أسلوب جارح أو غير لائق... هذه المعاملة للجميع (كافة المواطنين) أمّا معاملة منسوبي الجامعة فقد صحبها ابتسامة وبعض المزاح أيضاً...ولكن لا أخفي عليكم أن الضرر قد وقع بالفعل... لقد اهتزت قناعاتي يتغير المجتمع ومفاهيمه وأساليبه وتزعزعت ثقتي في مصداقية الشفافية والمعاملة الحسنة والاحترام بل وتراجع احساسي بالآمان في المملكة إلى أدنى مستوياته ...
هذه التدوينة الطويلة ليست للشكوى بل لرصد وتوثيق الحدث وإتاحة فرصة للتفاعل مع الزوار الكرام وسماع رأيهم في الأمر...ولكن قبل ذلك إليكم عينة من الآراء التي حصلت عليها واعذروني فلن أذكر الرتب الأكاديمية أو الوظائف أو الجنسيات غير السعودية
شاب سعودي: لا تزعل يا دكتور وتقدم بشكوى في حقه وستجد من يسمع ويتخذ إجراء مناسب
رجل أعمال سعودي: يا بني العسكر عسكر... سوف تتقدم بشكوى ويقولون أنك أو أن مجموعة مصريين فقط يرغبون في إثارة المشاكل... احتسب ولا تحمل الهم...
زميل عربي: والله حقك تشتكي بس ممكن هذا يسويلك مشاكل
زميل سعودي: حقك تشتكي بس ما تجيب سيرتي (أي الاحتياط واجب ولا داعي للمشاكل)
زميل عربي: اتفق معك في وجوب الشكوى وأضم صوتي لصوتك فقد رأيت كيف يتعامل هذا الضابط مع الناس ولكن للأسف الناس لا تحب أن تقول أنها أهينت وتحتسب وتتمنى على الله أن لا يقابلو هذه العينة مرّة أخرى
زميل أجنبي: نحن نعلم أولادهم وهم يهينونا ويحتقرونا... من حقك أن تطلب اجتماعاً وتقوم بتصعيد الأمر - لقد جئت لأن هذه هي الأرض المقدسة ولكن يبدو أن أهل الأرض لا يعرفون ذلك...هذه ليست أخلاق الإسلام (ما سبق كلامه بعد الترجمة)
زميل عربي: لا تحكي لأحد عن الموضوع واحتسب... عفواً فأنت لا تحب أن يعرف الجميع بأمر إهانتك.. هذا رأي ولا تزعل مني فأنا أحبك وأنصحك كما سأنصح نفسي.
ضابط سعودي صديق: هل تعرف اسم الضابط الذي تعدى عليك؟ (إجابتي نعم) ..إذاً اكتب شكوى وارفعها للأمير..(يعني يا صديقي لا تنصحني بالسكوت وتمرير الأمر؟)... لا .. لم تفعل شيئاً ويجب تربيته وردعه
زميل سعودي: لا تزعل يا أخي وأنا أقدر تماماً مشاعرك ولكنهم يعاملوننا نحن أهل البلد بطريقة سخيفة في بعض الأحيان وإن كنت سأساندك لتقديم شكوى وأخذ حقك إن رغبت في ذلك..
صديق سعودي: اشتكي في الإمارة وتحمل عدداً من المشاوير إليها ولا تخف .. (قلت له: اليس من الممكن عند التحقيق معه أن يبتليني بالكذب ويأتي بشهود من معاونية بالمكان أو غيرهم؟)قال: شهادة الزور هنا أصعب من الجرم نفسه قد يعاقبون الضابط وينتهي عقابه قبل أن تنتهي عقوبة شاهد الزور..لا تخف..لن يورط أحد نفسه في شهادة زور. من قال حقي ما ظلم
زميل سعودي: ارسل نفس الشكوى لأكثر من جهة عليا واذكر أنك أرسلت نسخة من شكواك لللآخرين...هكذا يعلم متلقي الشكوى أن هناك من سيسمع من هذه الجهات فيبادر بالتحقيق والاهتمام
المحصلة النهائية أن هناك عدد قليل يدعم فكرة الشكوى رغم تفضيله ترك الأمر إلى الله وعدد أكبر لا يرحب بفكرة الشكوى ويخشى طرق أبواب موصدة أو فتح أبواب في حدها الأدنى لا تبعث على الاطمئنان...
لم أقرر بعد...القرار الأكيد هو أني لا أستطيع العفو فلست في موقع قوة أو مقدرة بحيث أقبل أن اسامح ... المغفرة والسماح يأتيان حين تكون مخيراً لا مقيداً أو مهدداً ... والحق أني وبشكل مبدأي سأدعو عليه في بيت الله الحرام وأطلب من الله أن يقتص منه من كل قلبي وبصدق كأنما أدعو لأبنائي بالخير والرحمة... كلي يقين من الاجابة... أمّا الشكوى فسأدرس الموضوع جيداً واسأل المزيد من الناس الذين أثق بهم وأدعو الله أن يوفقني إلى ما فيه الخير
أعذروني للإطالة ولكن إزاحة الثقل والكتابة لأصدقاء وزوار بها الكثير من التيسير على النفس...
تحياتي للجميع ودمتم بألف خير
لم أعد أسمع عن هذه الأشياء إلا فيما ندر وفي قضايا تثير الرأي العام وبها الكثير من الملابسات الغامضة - تماماً مثل أخبار الحوادث في مصر أو أي دولة عربية أخرى - لذا أدركت أن هذه الظاهرة في زوال وأنها ليست إلا خبراً من أخبار الحوادث وليست موجهة ضد جنسية ما مثلاً ... كما أن كافة المعاملات الحكومية تتم بسهولة ويسر واحترام رغم الزحام المعتاد في أماكن الخدمات الحكومية ولكن تجري الأمور بنظام ودون تفرقة بين مقيم ومواطن. قد أسمع عن فرقة شبابية سعودية تسب المصريين ويرد عليها مغني مصري مثلاً ولكن هذه صغائر تصدر عن أصاغر ولا تعبر عن واقع أراه بشكل عام - أعلم أن هناك قِلة تصدر منها تصرفات مسيئة ولكنها تظل قِلة وتصرفاتها قد تتأثر بظروف أخرى مثل طبيعة الآخر ودرجة ثقافته وقدرته على صياغة عباراته بما يناسب الموقف وعوامل أخرى... إذاً، لا قلق.. هذه أمور تحدث ولكنها ليست ظاهرة مقلقة ولا دخل لي بها....علاقاتي مع زملائي وطلابي من السعوديين، علاقات مودة واحترام وتقدير متبادل، نتحاور وننقد ونتلاقى ونتفق، الكل (بلا استثناء ومن القلب) يوّد أن تتاح له الفرصة للمجاملة والخدمة. ونظراً لأني أقوم بتدريس طلاب نظاميين وآخرين خريجين ومنتسبين فبين طلابي المحاسب والمذيع والضابط والصحفي. أقابلهم صدفة في مختلف الأماكن.. المتاجر، المطار، في إشارة المرور ويسرني ما أراه في أعينهم من موّدة صادقة... أعرف دوماً أني في بلدي الثاني دون رياء (فكّرت جدياً في التقدم لطلب الجنسية ولكن لم أفعل ولا أدري لماذا) .. القصد أن شعوري بالاطمئنان كان شعوراً طبيعياً... أنا بين أصدقاء وأحباء سأجدهم في أي وقت... حقيقة بها بعض الشوائب للأسف...
إضافة لما سبق هناك نقطة هامة... وظيفتي كأستاذ جامعي في كلية نظرية وظيفة هادئة آمنة خاصة مع شخص يشهد الناس بأنه خلوق باسم. في مصر، حين تستوقفني لجنة مرورية لمراجعة التراخيص، وحين ينظر الضابط إلى خانة المهنة يبتسم ويسألني عن الجهة الأكاديمية التي أعمل بها ويعتذر عن إيقافي أو يمزح بخصوص احتياجه لدروس في اللغة - نعم هذا يحدث في القاهرة معي دوماً - مع نفس الضباط الذين يشكو منهم الناس وتملأ أخبارهم الجرائد والمدونات - ولكن والله هذا حقيقة ما يحدث معي والحمد لله.... لا يوجد لي محضر مسجل أو وثيقة عداء من أي نوع مع أحد في عموم الدنيا أو في مجال العمل... هنا في المملكة وأثناء امتلاكي سيارة خاصة، لم تسجل علي مخالفة مرورية واحدة ناهيك عن أي مخالفة أخرى -لا- بل توجد واحدة - اخطأت في رصد درجة أحد الطلّاب وجاءتني ملاحظة تنبيهية بخصوص مراعاة الدقة - فقط....
بشكل عام يمكنكم اعتباري مسالم وإذا جاز القول "ديبلوماسي" ويمكنني احتواء مواقف عدة بهدوء وحيادية...
1 - تم اخطار جميع المقيمين كل في جهة عمله بوجوب تسجيل البصمات الكترونياً في إدارة الجوازات... إجراء لازم إذا كنت ترغب في تنفيذ أي معاملة حكومية بعد تاريخ 1-6-2009
2 - قامت وزارة الداخلية بتخصيص عدد من المنافذ التي تستقبل المقيمين لأخذ بصماتهم وصورة لهم في كافة أرجاء المملكة. واختصت مدينة جدة بأربع أو خمس مراكز في عدة مناطق من المدينة. هذه المراكز تفتح أبوابها للجمهور من الساعة الثامنة إلى ما بعد صلاة الظهر أو قبل صلاة العصر في حال وجود ضغط أو مؤسسات تقوم بإحضار منسوبيها في إجراء جماعي.
3 - على كل مقيم التوجه لأحد هذه المراكز ومعه إقامته (وثيقة مثل البطاقة الشخصية بها بيانات المقيم ومحل عمله وتاريخ التجديد) ومعه جواز السفر (بهذه المناسبة يجب التنويه أن وجود جواز السفر مع المقيم في حال احتاجه موضوع عادي، جواز السفر ليس محبوساً أو مرهوناً ولكن هناك من يسيء استغلال هذه الجوازات - نظام الكفيل الشهير - والاساءة في حق مختلف أنواع الوافدين وليست موجهة للمصريين فقط مثلاً . المهم أن امطلوب اقامتك وجواز سفرك.
4 - ذهبت وحدي في الصباح الباكر لأحد تلك المراكز فوجدت ما يقرب من 500 فرد الساعة السابعة صباحاً ... صراحة هذا أطول مما أحتمل... فكلمت صديق لي وعرفت منه أن زملاء ذهبوا إلى مركز آخر فتوجهت إلى هناك لاستطلع الأمر...
5 - حين وصلت كان الزملاء قد أتموا الموضوع ففهمت منهم أن العدد الآن يقترب من 300 وأنهم تمالكو أنفسهم وتحكموا في أعصابهم بشدة، حيث يوجد أحد الضباط الذي يعامل الناس بمنتهى السوء ويخاطبهم بطريقة دونية مهينة وأنه أخرج زميل وشاب معه والده الكهل وطلب منهم العودة إلى ذيل الصف لمجرد أن أحدهم سأله عن شيء ما بخصوص البصمات وما شابه... كنت أعلم في عقلي أن هناك ضغط ونوعيات مختلفة من المقيمين الذين لا يجيد الكثير منهم العربية وأفهم فكرة محاولة التحكم في أعداد كبيرة تتوجه للقيام بنفس الشيء... لذا قلت ربما أن الضابط فقد أعصابه نتيجة لسؤال ساذج في الزحام وربما حدث سوء تفاهم ما بالنظرات أو الهمهمات... صراحة صدقت الرواية ولكن وضعت فرضية لتفهم الوضع دون أن أكون سيء النية خاصة وأن خبراتي في السفر وتجديد جواز السفر وتعديل بياناته وما إلى ذلك سمحت لي بملاحظة أن الضباط في هذه الجهات يتم انتقائهم بدقة نظراً لحساسية الموضوع وطبيعة تعامله مع الجمهور - ضباط الجوازات يفترض فيهم تمثيل الدولة أمام الغير وإظهار صورتها الحضارية للزائرين والمقيمين... لذا قررت تأجيل الموضوع والعودة إلى نفس المركز في وقت أبكر.. هذا المركز أفضل من سابقة من حيث الكثافة العددية... وقناعاتي بالآمان والبلد الثاني والتغير في المجتمع وبطبيعتي المسالمة ومكانتي الأكاديمية ألغت تماماً أي احتمال لتعرضي لموقف سخيف مشابه لما سمعته.
6 - تم ابلاغنا عن موعد ستقوم الكلية فيه بتجميع منسوبيها والذهاب لمركز ثالث بعد الثانية ظهراً - صراحة الدنيا صيف والحر خانق والموعد يخترق اليوم - قررت في نفس اليوم أن أذهب في الصباح الباكر للمركز الذي ذهب إلية زملائي منذ بعض يوم
7 - ما بين الساعة 7 صباحاً و12 ظهراً رأيت 8 زملاء وتكلمت هاتفياً مع 5 آخرين + تكلمت مع 3 معارف أحفظ أرقامهم لمعرفتي أنهم حاضرين وأن الود حاضر بيننا سواء كان اتصالنا منقطعاً أو دائماً. المجموع 16 فرداً في اتصال مباشر بخلاف ثلاثة غرباء.
8 - زميل ذهبت معه للقيام بتسجيل بصماتنا ووقفنا معاً في صف يزيد عن 100 فرد من الساعة السابعة صباحاً....بعد نصف ساعة تقريباً رأينا بشائر الزي الميري انتظمنا في صفين منتظمين طبقاً لتوجيهات أحد الضباط... أثناء وقوفنا ومن مسافة بعيدة نسبياً رأيت شخصاً أمام الضابط - أظنه يحدثه وقام الضابط برمي إقامة الرجل أو جواز سفره (أيضاً لم استطع تممييز الوثيقة من على بعد) - في عرض الطريق ... نظر إليه المواطن في صمت وذهب ليلتقط وثيقته ثم توقفت عن متابعته والتفت إلى زميلي أتحدث معه وفي رأسي أن الأمر لا يعنيني ولا أدري حقيقة طبيعة ما كان يدور من حوار بين الضابط والمواطن.
9 - في تمام الساعة 8:20 دقيقة وصلت وزميلي إلى داخل المبنى الذي يتم فيه الموضوع - نعم كنا نقف في صف في الشارع على الرصيف الخاص بالمركز ويتحرك الصف تجاه باب المبنى...دخلنا إلى قاعة بها مقاعد عليها من سبقونا بالدخول وآخرين واقفين في الفراغات التي اتسعت لهم فوقفنا معهم.... بعد قليل قام بعض الجلوس فجلس بعضنا ومنهم زميلي ووقفت إلى جواره في الانتظار... دقائق وقام زميلي وبعض الجالسين لدورهم فتحركت تاركاً ثلاث مقاعد خالية لمن ورائي وجلست على الرابع.
10 - الساعة 8:30 ....
الضابط : أنا عطيتك أمر إنك تجلس؟
أنا في توجس وقد وقفت أشرت برأسي أن لا دون كلام
الضابط: أخرج بره... إطلع آخر الصف يللا... بره..
لم اتكلم - آثرت السلامة وقلت في عقلي "حسناً ها قد تعرضت لموقف سخيف مباشر دون داع.. فالأخرج وأنتظر زميلي وبعدها نترك المكان وأنا سأذهب مع الكلية في منتصف النهار وأمري إلى الله ... لا داعي للوقوف في آخر الصف الذي طال للغاية ولا داعي للاحتكاك بهذا الضابط" ... هذا طبق الأصل ما فكرت فيه وأنا أخرج من المبنى الذي انتظرت لدخوله ساعة وثلث.. ولماذا؟ لالتزم بالقانون ولا أتعرض لتعطيل معاملاتي الحكومية... حسناً لا بأس زميلي سيخرج بعد ربع ساعة على الأكثر فالإجراء نفسه سريع...خرجت من المبنى ونظرت إلى الصف الطويل من المنتظرين وتركت الرصيف وعبرت السلك الشائك الذي يحيط بالمبنى بعد الرصيف وعبرت الشارع إلى الجهة المقابلة - ببساطة ابتعدت عن الصف والمكان مهنئاً نفسي بقرار الذهاب مع منسوبي الكلية بعض بضع ساعات لإنهاء الأمر. من مكاني على الرصيف المقابل أخرجت علبة سجائري وأشعلت واحدة ووقفت...هذه الأحداث لم تستغرق دقيقتين بعدها لمحت الضابط يخرج من المبنى ويلقي نظرة على الصف الممتد ثم يدير بصره بنظرة عابرة على المكان ويلمحني على الرصيف المقابل فيصيح قادماً في اتجاهي "وكمان تدخن!!!!" ويصل إلي ويمسك ملابسي من الكتف ويسحبني ليعبر بي الشارع تجاه المبنى.... توقفت وخاطبته بمنتهى الهدوء والأدب قائلاً: "لو سمحت ما تمسكنيش بالطريقة دي، أنا دكتور جامعه ومعملتش حاجه غلط علشان المعاملة ديه... الرد بصياح وصوت عال (أثناء دفعي أمامه تجاه المبنى هذه المرة): والله أسحب إقامتك وجوازك وامزعهم الحين = يقطعهم الآن.... (الآن أصبحنا داخل المبنى المكتظ وأكمل سيادته) ....دكتوور..ها... والله أصفخك على وجهك جدّام العالم (طبعاً هذا تهديد إنه يلطشلي يعني) كان يقول هذه العبارة ويتبعها ب "انا بـ وريك" وهو يدفعني إلى غرفة صغيرة مكيفة بها شخص لا أعرفه ومكتب ومقعد ومساحتها 6بلاطات في 9 بلاطات ثم يغلق الباب خلفي.
شعرت بتوتر عال وإهانة بالغة وإحساس بالغدر الذي لم أتوقعه تماماً - قد أبدو غبياً بعد مراجعة ما سبق من معطيات - ولكن بالفعل لم أتوقع هذا الغدر المجتمعي أو الغدر الحكومي متمثلاً في أحد الضباط.. كنت أحبس دموعي بالفعل فنظر لي الجالس في الغرفة وقال لي (معلش) مواسياً ففهمت أنه ضحية أولى بشكل ما وأنه مصري مثلي... كان رجلاً محترماً أتى مع زوجته وأولاده وتركهم بالسيارة ولكن حين سأل الضابط عن شأن عادي انفعل عليه ووضعه في هذه الغرفة... تمالكت نفسي ورأيت زميل الغرفة يستخدم هاتفه المحمول.... نعم - معي واحد - كنت قد نسيت تماماً أن معي جوالاً - من أطلب؟ سألت نفسي ثم طلبت صديقاً للعائلة - مواطن سعودي كبير السن والمقام أجله ويقدرني... كانت الساعة 8:40 تقريباً ورد على الرجل من النوم فأخجلني أن أطيل علية فأوجزت له الموضوع فحوقل وسألني عن مكان المركز ووعدني خيراً... بعدها كلمت صديقاً وزميلاً سعودياً أيضاً أخبرته بالموضوع وطلبت منه أن يتصرف ... قصدت أن يخطر الكلية أو يتصل بأحد من معارفه أو أي شيء ليخرجني من هذا المكان... انتهيت المكالمة وتذكرت زميلي الذي سبقني بالدخول فأرسلت له رسالة نصية أخبره بما حدث في إيجاز وبعدها بقليل اتصل بي وأخبرني أنه أنهى معاملته وينتظر استلام إقامته وأن مصري ولبناني أخبروه بما حدث معي وتركوا له أرقام هواتفهم في حال تطور الأمر واحتجت شهوداً...وقال أنه يقوم باتصالاته أيضاً ... الحقيقة العاملين بالحقل الأكاديمي لهم العديد من المعارف والأصدقاء المحترمين لذا كنت أعول كثيراً على هذه الاتصالات... اتصلت أيضاً بزميل وصديق مصري قام بمتابعة الأمر من الكلية التي حاول زملاء بها الاتصال بضباط كبار ولكن نظراً لأن الوقت مبكر فصعب العثور عليهم أو إيقاظهم... جائني اتصال من أحد الطلاب بالكلية يخبرني أنه سمع أن لدي مشكلة ما ويريد أن يعرف ما حدث ليكلم أخاه الضابط فأخبرته وتطوع أخوه مشكوراً بمهاتفتي ووعدني خيراً ثم أعاد الاتصال قائلاً أن هناك من سيخرجني بعد وقت قصير.. مرة أخرى اتصلت بأحد طلابي القدامى .. ضابط أيضاً.. وسألني عن التفاصيل فأخبرته وقلت له أني لم أقل أو أفعل شيء فبادرني بصدق "إحنا نعرفك...ما يحتاج يا دكتور" ووعدني خيراً أيضاً بعد أن أعطيته اسم الضابط ورتبته ومركزه - اسم الضابط عرفته من اللوحة على الزي ورتبته ومركزه على أوراق مهملة في الغرفة وظاهرة للعيان...في هذه الأثناء كان زميلي في الغرفة يجري مكالمات أيضاً منها ما فهمت منه أن مندوباً من القنصلية المصرية قادم إليه...كما تم ادخال فردان جدد وأصبحنا أربعه.....
بعدها بقليل دخل شخص معه ورقة بيضاء وقلم موجهاً كلامه إلى لا أحد قائلاً " صاحب المشكلة يكتب اعتذار عن ما بدر منه" سألته : مين؟ واعتذار عن إيه؟ فقال "هيكلمكم حد يشرح لكم من أصحابكم" وخرج... بالطبع كلنا الآن لنا أصحاب بالخارج فانتظرنا ولم يطلبنا أحد .... بالمناسبة .. الساعة الآن 10:30...كلمني أول زميل قصدته بالاتصال وأخبرني عن وجوده بالمكان وبأنه تكلم مع الضابط الذي قال له أني خرجت من الصف وتهجمت عليه .. لم يصدقه وذهب ليتحدث مع باقي زملاء الضابط وأقنعهم بضرورة إخراجي وعدم لياقة التعامل مع استاذ جامعي بهذه الطريقة.... بعدها بقليل انفتح الباب وخرج أول ضيف على الغرفة ... ثم خمس دقائق وجاء من يأخذني وخلفه زميلي وصديقي السعودي ثم توجهنا إلى مكتب الضابط... هناك رأيت زميلين وسلمت عليهم ... كانوا بالمكان لتفس الغرض مصادفة... كما رأيت الضابط الذي لم يكلمني وتوجه إلى الزميل السعودي قائلاً "خلاص؟" فأشار له زميلي أن نعم... خرج الضابط من الغرفة وأنا لا أعلم ماهو الــ"خلاص" هذا فنظرت إلى زميلي وسألته هل نحن في انتظار شيء فسألني بدوره إن كانت وثائقي وأوراقي معي فأجبته أن نعم فقال لي إذاً هيا بنا وخرجنا من المكان حيث وجدت زميلي الذي ينتظر إقامته مازال منتظراً فشكرته على اتصالاته وتحركت عائداً إلى الكلية.... في الطريق هاتفني الزملاء بالمركز الذين صافحتهم منذ قليل وأخبروني أن الضابط استدعاهم بحجة ضيط بصماتهم ثم سألهم عن زميلهم الذي سلموا عليه منذ قليل (أنا) وبطبيعية أخبروه أني أحد الدكاتره المحترمين فرد عليهم أنه سينشر تعميم يقول فيه أني تهجمت على الوحدة وهربت عقاباً لي على خروجي دون استئذان (ملاحظة: من مكتبه المفتوح والذي يدخله ويخرج منه فرد كل ثانيتين في غير وجوده أصلاً وبعد أن تم احنجازي أكثر من ساعتين وإخراجي بالوساطة والمكالمات وما إلى ذلك وبعد أن تمت إهانتي بدون حق والتعدي علي وتهديدي بالضرب المهين) ... سيادة الضابط يريد أن يكملها بتلفيق تهمة والتشهير بي.... ما علينا.. انتهت المكالمات المتوترة لإخراجي وبدأت تلك التي تواسيني وتحمد الله أن الموضوع توقف عند هذه المرحلة.... ويبدو أن الهم ارتسم على وجهي واتخذ لنفسه ملمحاً في صوتي فقد طالبني الجميع بأن لا أرهق نفسي حزناً أو فكراً....
إذاً لقد خرجت من المكان وها أنا أتوجه إلى الكلية لانتظار موعدهم في الذهاب إلى مركز آخر للبصمة... قابلت زملاء يعرفون ما حدث وآخرون يستفسرون وهكذا ...ثم جاء الموعد وذهبت مع الجميع إلى المركز الذي يستقبل أكبر عدد من المواطنين يومياً ... رأيت ضباطاً وعساكر لا يتجاوز أحدهم بلفظ أو إهانة أو أسلوب جارح أو غير لائق... هذه المعاملة للجميع (كافة المواطنين) أمّا معاملة منسوبي الجامعة فقد صحبها ابتسامة وبعض المزاح أيضاً...ولكن لا أخفي عليكم أن الضرر قد وقع بالفعل... لقد اهتزت قناعاتي يتغير المجتمع ومفاهيمه وأساليبه وتزعزعت ثقتي في مصداقية الشفافية والمعاملة الحسنة والاحترام بل وتراجع احساسي بالآمان في المملكة إلى أدنى مستوياته ...
هذه التدوينة الطويلة ليست للشكوى بل لرصد وتوثيق الحدث وإتاحة فرصة للتفاعل مع الزوار الكرام وسماع رأيهم في الأمر...ولكن قبل ذلك إليكم عينة من الآراء التي حصلت عليها واعذروني فلن أذكر الرتب الأكاديمية أو الوظائف أو الجنسيات غير السعودية
شاب سعودي: لا تزعل يا دكتور وتقدم بشكوى في حقه وستجد من يسمع ويتخذ إجراء مناسب
رجل أعمال سعودي: يا بني العسكر عسكر... سوف تتقدم بشكوى ويقولون أنك أو أن مجموعة مصريين فقط يرغبون في إثارة المشاكل... احتسب ولا تحمل الهم...
زميل عربي: والله حقك تشتكي بس ممكن هذا يسويلك مشاكل
زميل سعودي: حقك تشتكي بس ما تجيب سيرتي (أي الاحتياط واجب ولا داعي للمشاكل)
زميل عربي: اتفق معك في وجوب الشكوى وأضم صوتي لصوتك فقد رأيت كيف يتعامل هذا الضابط مع الناس ولكن للأسف الناس لا تحب أن تقول أنها أهينت وتحتسب وتتمنى على الله أن لا يقابلو هذه العينة مرّة أخرى
زميل أجنبي: نحن نعلم أولادهم وهم يهينونا ويحتقرونا... من حقك أن تطلب اجتماعاً وتقوم بتصعيد الأمر - لقد جئت لأن هذه هي الأرض المقدسة ولكن يبدو أن أهل الأرض لا يعرفون ذلك...هذه ليست أخلاق الإسلام (ما سبق كلامه بعد الترجمة)
زميل عربي: لا تحكي لأحد عن الموضوع واحتسب... عفواً فأنت لا تحب أن يعرف الجميع بأمر إهانتك.. هذا رأي ولا تزعل مني فأنا أحبك وأنصحك كما سأنصح نفسي.
ضابط سعودي صديق: هل تعرف اسم الضابط الذي تعدى عليك؟ (إجابتي نعم) ..إذاً اكتب شكوى وارفعها للأمير..(يعني يا صديقي لا تنصحني بالسكوت وتمرير الأمر؟)... لا .. لم تفعل شيئاً ويجب تربيته وردعه
زميل سعودي: لا تزعل يا أخي وأنا أقدر تماماً مشاعرك ولكنهم يعاملوننا نحن أهل البلد بطريقة سخيفة في بعض الأحيان وإن كنت سأساندك لتقديم شكوى وأخذ حقك إن رغبت في ذلك..
صديق سعودي: اشتكي في الإمارة وتحمل عدداً من المشاوير إليها ولا تخف .. (قلت له: اليس من الممكن عند التحقيق معه أن يبتليني بالكذب ويأتي بشهود من معاونية بالمكان أو غيرهم؟)قال: شهادة الزور هنا أصعب من الجرم نفسه قد يعاقبون الضابط وينتهي عقابه قبل أن تنتهي عقوبة شاهد الزور..لا تخف..لن يورط أحد نفسه في شهادة زور. من قال حقي ما ظلم
زميل سعودي: ارسل نفس الشكوى لأكثر من جهة عليا واذكر أنك أرسلت نسخة من شكواك لللآخرين...هكذا يعلم متلقي الشكوى أن هناك من سيسمع من هذه الجهات فيبادر بالتحقيق والاهتمام
المحصلة النهائية أن هناك عدد قليل يدعم فكرة الشكوى رغم تفضيله ترك الأمر إلى الله وعدد أكبر لا يرحب بفكرة الشكوى ويخشى طرق أبواب موصدة أو فتح أبواب في حدها الأدنى لا تبعث على الاطمئنان...
لم أقرر بعد...القرار الأكيد هو أني لا أستطيع العفو فلست في موقع قوة أو مقدرة بحيث أقبل أن اسامح ... المغفرة والسماح يأتيان حين تكون مخيراً لا مقيداً أو مهدداً ... والحق أني وبشكل مبدأي سأدعو عليه في بيت الله الحرام وأطلب من الله أن يقتص منه من كل قلبي وبصدق كأنما أدعو لأبنائي بالخير والرحمة... كلي يقين من الاجابة... أمّا الشكوى فسأدرس الموضوع جيداً واسأل المزيد من الناس الذين أثق بهم وأدعو الله أن يوفقني إلى ما فيه الخير
أعذروني للإطالة ولكن إزاحة الثقل والكتابة لأصدقاء وزوار بها الكثير من التيسير على النفس...
تحياتي للجميع ودمتم بألف خير
هناك ٤ تعليقات:
قدم شكوى وخذ حقك وإذا ماجابت الشكوى نتيجه على الأقل تبقى حاولت .
في بعض الأحيان محاولة تجنب الوقوع في مشكلة بتوقع في مشكلة أقصد إن حضرتك ما رديت عليه وفضلت الانسحاب في موقف الكرسي وده السبب في إنه يتواقح معك تاني .
لا تزعل نفسك إنت عارف إنت إيه وهو إيه .
والله يادكتور ... احزني كثيرا الكلام اللي قريته ... والحدث اللي صار معاك يعطيك الحق انك تزعل وتشيل في خاطرك ...
وانت يا دكتور تامر جميع الطلاب يحبونك ويقدرونك .. وجميعنا نعرف ان هذه التصرفات الملفقة بعيده كل البعد عنك
اخوك مشاري المطيري
مرحبا /د. تامر
بعد عمل تقييم من قبل تدوينة دوت كوم لجميع المدونات المصرية نبلغك بأن بعد اضافة مدونتك إلى تدوينة دوت كوم قام العديد من القراء بالاطلاع على مدونتك الشيقة والجميله المليئة بالمواضيع المتنوعة لذا ترجو منك اسرة تدوينة دوت كوم بمراسلتنا للأهمية على
Tadwina@gmail.com
حتي نتمكن من ارسال البانر الخاص بنا لوضعه على الصفحة الرئيسية حتى يتمكن العديد من القراء في مصر والدول العربية بالاطلاع على مدوناتك المستحدثة
يمكنك متابعة مدونتك على الرابط التالى:
http://www.tadwina.com/feed/1139
مع خالص الشكر
فريق عمل تدوينة دوت كوم
www.tadwina.com
دومًا في المواقف المشابهة ادرس الخسائر والمكاسب كدراسة جدوى سريعة , مثلا عند الشجار الذي سيعطلني عن مصلحة كبيرة , او سيفقدني صديقًا او شيئا غاليًَا, أو عند اضطراري للنزول لمستوى شخص حقير بدعوى تربيته وعدم السكوت له , يكون الصمت افضل احترامًا لنفسك خاصة انك لن تكسب اي شيئ من وراء هذه المهاترات, سوى فقدان وقتك ومالك
في هذه الحالة يا دكتور لو كان هذا الشخص من الشارع مثلاً فلا تضيع وقتك معه إنه حقير والشجار معه لن يفيد ولن يغير من طبعه فلا احد يحكمه !
اما ما تقول عنه فهو ظابط مسؤول , يتحكم في آلاف البشر خلال عمله ,يسئ تعاملهم ويعطل مصالحهم ويهينهم , تعرف انه لو سكت الجميع فسيستمر الأمر
بالنسبة لك كشخص ما حدث قد حدث ولن يتغير ,اللهم إلا شعورك بالإنصاف لو نال عقابه , اما الربح الحقيقي والذي يستحق اللف وكتابه المذكرات والشكاوي فهو ردع هذا الضابط عن إهانة المواطنين , وجعله يفكر الف مرة قبل ان يتواقح مع اي احد , وهذا في رأييي مكسب عظيم,فتخيل لو انه يهين يوميًا خمس او ست اشخاص فقط , فكم يكون عدد الاشخاص الذين يؤذيهم في خلال شهر ؟, عندما تشكو انت - وربما غيرك معك - فلن اقول انه سوف يتغير كليًا لكنه على الأقل سيقلل من وقاحته في عمله ولو تجنبًا للمشاكل , وسيفكر قبل ان يتصرف بهذا الشكل مراعاه لذكرى للدكتور المصري اللي عمله مشاكل كتير مش عاوزها تتكرر !
هذا رأيي
لهذا اؤيد الشكوى وتصعيد الأمر !
احمد زكريا فتحي
لسه راجع من السعودية من يومين :)
إرسال تعليق