للحق أنا من أنصار الوحدة العربية ...و منتهى أملي أن تدرك الشعوب العربية أن هذه الوحدة لن تتحقق برغبات حكامهم بل ستتحقق برغباتهم أنفسهم ومجهوداتهم في سبيل ذلك.... بالطبع هذا اختصار مخل لما أرى ولكنه مقدمة للتنويه...
مناسبة هذه المقدمة هي مباراتا مصر والجزائر الأولى والثانية
بدأ الأمر من مصر: إعلامي يعرب عن رغبته في "التنكيد" على الجزائريين الذين يكرهوننا كما يزعم... وبالطبع الكلام استفزازي، وفي عصر النت والفضائيات يمكن للكثيرين الرد على هذا الكلام الفارغ بشكل موضوعي أو بشكل مسيء... وهذا ما حدث... كليبات للرد على عمرو أديب من شباب جزائري... ثم كليب غنائي مهين من شاب آخر يسب فيه المصريين ويعايرهم ويستذكر أمجاد الجزائر... ثم كليب آخر مصري يرد عليه ولكن بلغة أقل حده... ثم كليبات متنوعة من الطرفين للمنحرفين من الجنسين في البلدين... ثم تراشق إعلامي صحفي غاية في الصفاقة والاستهتار.... بعدها وصول منتخب الجزائر إلى مصر والتعدي عليه بأي شكل "لا يهم طريقة التعدي" المهم أنه حدث ولا يجوز إنكاره بل يجوز توضيحة والاعتذار عنه وهو ما لم يحدث.... ثم حرائق إعلامية إضافية وإشاعات من كل مكان إضافة إلى دعوات متأخرة للتهدئة والتعامل مع الموضوع بعقلانية....ثم مباراة ثانية في السودان ومقاطع فيديو مسيئة للمصريين والسودانيين والجزائريين.... ثم استقطاب لباقي الجماهير العربية واللعب على أوتار سياسية وأخلاقية وصيد في الماء العكر..... المجمل هو جهل تام ولعب بالنار وغباء منقطع وصمم عقلي لا نهاية له.....النتيجة ضحايا أبرياء من العاملين بالجزائر والجمهور المصري والجزائري ... وحلم متكسر بعيد المنال بوحدة الصف....
بحكم تعداد السكان وعراقة التاريخ والموقع الجغرافي المحوري والشكل الحضاري الحديث لمصر، أظنها يمكن مقارنتها (قياس مع الفارق) بأمريكا العرب.... الأمة كثيرة العدد المتغطرسة المتمدينة والتي تتمتع بقدر من الحرية أكبر بكثير من تلك الحريات المتواضعة في دول الجوار... الدولة التي سبقت باتفاقية سلام وأخذت أرضها كاملة وحاولت التفرغ لبناء نفسها...وتركت اليتامى يلهثون ... من سيقف في وجه العدو؟ من سيحرر فلسطين؟ ولا أعرف لماذا لم يقوموا هم أو حكامهم بالوقوف أمام العدو وتحرير فلسطين.... هل المفروض على مصر أن تساعد الدول العربية على استقلالها وتحرر أراضيها من الغاصبين "وتحميهم وتدلعهم وتحطهم في سرايرهم"؟ هل ينتظرون من مصر أن تمسح المخاط السائل تحت أنوفهم أيضاً؟.... وإذا لم تفعل فهي ليست أمهم وهي عميلة وخائنة وداعرة وكل أبنائها أبناء حرام.... هل المفروض أن يزورها الجميع ويبصقون على سكانها ويرتعون في أرضها ويفسقوا فيها ثم يعودون إلى بلادهم بخزيهم ليسبوها؟ هل وصل الجهل والفصام إلى هذه الدرجة؟...هل يعقل أن يسيل دم أبنائها على أرض السودان فقط لأنهم تحمسوا لفريقهم؟!!....
للأسف... ورغم الدعوة للتهدئة إلا أن الموقف أصبح يستوجب قراراً جماهيرياً لا سياسياً .... فلنهتم بأنفسنا ونرفع من قدر بلدنا ونتحد لأهدافنا الوطنية (سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وعلمية) إذا قمنا بذلك علا شأننا بأكثر مما هو كائن وأصبح تعدادنا مزية مضافة بدلا من كونه عبء وطني... ربما ..حين يحدث ذلك، لن يتجرأ علينا جاهل ولن يكون فينا جاهل يجلب علينا همجية الرعاع ومسبة الجهلاء...ربما .... أكره أن أكفر بمشروع الوحدة العربية ولكن يا للأسف.... بالفعل الجميع ينقصهم الكثير من المعرفة والأخلاق والأدب والعلم.... ينقصهم الله في قلوبهم.... ينقصهم الكثير ليكونوا "بني آدمين" ناهيك عن متوحدين أو حتى موحدين وحسبي الله ونعم الوكيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق